مدونة شارع الصحافه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


جعفر عبد الكريم صالح
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 شهر رمضان... بلسمٌ للفجوة الطبقية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
جعفر الخابوري
Admin
جعفر الخابوري


المساهمات : 198
تاريخ التسجيل : 14/07/2013

شهر رمضان... بلسمٌ للفجوة الطبقية Empty
مُساهمةموضوع: شهر رمضان... بلسمٌ للفجوة الطبقية   شهر رمضان... بلسمٌ للفجوة الطبقية Emptyالأحد يوليو 28, 2013 1:44 pm

شهر رمضان... بلسمٌ للفجوة الطبقية

شبكة النبأ: بالرغم من امتلاك معظم بلادنا الاسلامية، لمصادر الثروة والمال، وبالرغم من مضي أربعة عشر قرناً من الزمن، على أول مجتمع اسلامي نموذجي أسسه الرسول الأكرم وبعده أمير المؤمنين صلوات الله عليهم، ما نزال نجد الطبقية المقيتة تنهش جسد الشريحة الفقيرة وتبعدهم عن العيش الكريم.
ونحن نعيش هذه الظاهرة الشاذة والغريبة، نقرأ في التاريخ، أن الطبقية كانت سائدة في عهد الجاهلية في الجزيرة العربية وقبل بزوغ فجر الاسلام، حيث كان الفقير يعيش في قبضة المرابين والمحتكرين، ثم جاء الإسلام بنهجه المضيء على يد الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله لينقذ الناس من الإذلال والاستعباد. وأهدى الناس والبشرية جمعاء قواعد رصينة لمجتمع متكامل، متكافل، ومتماسك، يلغي وجود الطبقية بشكل كامل، والآية الكريمة صريحة: "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، وقد أجمل وأحسن صلى الله عليه وآله في أحاديثه العديدة بهذا الشأن، بما يؤكد حرصه الشديد على إلغاء هذه الظاهرة من حياة المسلمين على مر الاجيال، فقال: "الناس سواسية كأسنان المشط". وفي حديث آخر وشهير يقول: "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمّى".
أما آلية بناء هذه القاعدة والمنظومة، فهي في ايجاد رابط جديد لم تعهده البشرية من قبل في علاقاتهم مع بعضهم، رغم وجود النظريات الفلسفية والاتجاهات الفكرية في العالم. ألا وهو الرابط الانساني الذي يجمع افراد المجتمع بما هم عليه من التنوع في اللغة والعرق وحتى المكانة الاجتماعية، ثم عنون الإسلام هذه الرابطة المقدسة والفطرية الجميلة، بـ "الأخوة" بين ابناء الدين الواحد، فيما يبقى عنوان "الانسانية" على سائر الناس. وخير مصداق عملي على ذلك، حادثة المؤاخاة التي خلقها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، بين المهاجرين والأنصار، والى هذا اشار أمير المؤمنين عليه السلام في عهده المعروف الى مالك الاشتر: "فانهم صنفان أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق".
وهنا يجب أن نتذكر أن الإسلام، أقرّ التنوع والاختلاف بين الناس، في طباعهم وقدراتهم الذهنية والبدنية. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "اختلاف أمتي رحمة". فهي تُعد عاملاً للتطور والتقدم والتنافس، ودافعاً للسعي نحو تقديم الأحسن كلٌ حسب مستوى قدراته وكفاءاته. في الوقت نفسه حارب الإسلام التفاوت على أساس المعيشة والوضع الاقتصادي، وهو الذي يطلق عليه بـ "الطبقية"، الذي من شأنه تمزيق أواصر العلاقة بين الناس، عندما يكون هنالك فقير يبحث عن لقمة الخبز ليسد جوع أسرته، و أناس تمتلأ حوايات نفاياتهم بأفضل الأطعمة، ويجلسون على الوثير ويمتلكون الملايين. لذا قالها أمير المؤمنين عليه السلام: "ما رأيت نعمة موفورة إلا والى جانبها حق مضيّع".
من هنا، انبرى العلماء والمفكرون الى المطالبة بشدة لمحاربة الفقر والحرمان في المجتمع، والدعوة الى التكافل والتعاون وتقريب الفجوة بين الغني والفقير، وهي دعوة تنبعث من صميم الاسلام وتسبق جميع الدعوات والشعارات التي يرفعها البعض في الوقت الحاضر، لاسيما ممن يتحدثون عن "الاشتراكية"، وأنها الدواء الناجع لظاهرة الطبقية، ومكافحة الفقر. لكن يفوت اصحاب هذه النظرية التي اثبتت فشلها حتى في البلدان التي تتبنى هذه النظرية مثل الاتحاد السوفيتي السابق، وايضاً الصين الشعبية. فالاسلام يدعو الى المساواة في الحقوق والواجبات، فالمسلمون جميعاً مسؤولون أمام الله تعالى في أحكامه وتعاليمه، وفي تحكيم القيم والمبادئ الانسانية والاخلاقية. كما يدعو الى العدالة في التعامل مع ابناء البشر، فهناك الذكي والمجتهد والساعي وصاحب العزيمة والإرادة الصلبة، وهذا لايمكن ان يتساوى مع من له نقيض هذه الصفات. وهذه الحقيقة يؤكدها القرآن الكريم: "هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون". بمعنى أننا بحاجة الى مشاريع وبرامج لإلغاء الفقر وليس لتصفية الاثرياء، أو لاقتطاع الثروة من هذا وإعطائها لذاك.
وفي كتابه "انفقوا لكي تتقدموا"، يقول سماحة الإمام الراحل السيد محمد الحسيني الشيرازي – قدس سره- باننا "بحاجة إلى أثرياء، والثروة نعم الشيء لعمارة الدنيا والآخرة، وفي الحديث: (نعم العون على الدين الغنى)، وكلما زادت ثروة الإنسان، زادت إمكانات تقدمه في الدنيا والآخرة، وحيث أن الإسلام والعقل أقرا بالملكية الفردية فنحن من أنصار الملكية الفردية، إلى أبعد الحدود ضمن الشروط الشرعية". وعن الحل والعلاج لظاهرة الطبقية يقول سماحته في نفس الكتاب: "..مرّة نقدّم لهؤلاء العاطلين وجبة طعام تكفيهم لفترة من الوقت أو نقدّم لهم مبلغاً من المال يكفيهم ليوم واحد أو أيام. ومرة أخرى نقدم لهم ما يستطيعون به اشباع أنفسهم طيلة العمر، وذلك بأن تعطيهم رأس المال الذي يستطيعون بواسطته تأسيس محل صغير، أو ان نطلب منهم المشاركة في دورة تأهيلية تمكّنهم من العمل في مهنة شريفة، أو ان نشتري لهم ماكنة خياطة أو ماكنة تطريز ليقوموا بالعمل بأنفسهم...".
هذا ربما يكون بمنزلة بصيص أمل أو نموذج للحل، وهنالك طبعاً حلول اخرى بين يدي المسؤولين الحكوميين وكذلك اصحاب المؤسسات الاقتصادية الضخمة التي بامكانها ان تسهم حل المشكلة والداء المزمن.. وقد ربط العديد من المفكرين والعلماء بين الطبقية والثراء الفاحش لفئة معينة، وما يقابلها من حالة الحرمان والفقر لدى الشريحة الأوسع، وبين ظاهرة الثورات الجماهيرية التي تندلع تحت يافطات سياسية وبأهداف كبيرة، مثل الإطاحة بهذا الديكتاتور أو ذاك الطاغية الظالم، إلا ان حقيقة الأمر لدى المتابع الدقيق، يجد ان الدوافع تكمن في الجذور الاجتماعية والاقتصادية الضاربة في عمق الحرمان والتمييز والفقر والإذلال، وربما تكون حادثة المواطن التونسي "أبو عزيزي" الذي يعد البعض انتحاره حرقاً، شرارة الثورات العربية، أبرز دليل على ما نذهب اليه، فهو لم يكن عضواً في حزب سياسي او تنظيم معارض او تيار فكري، إنما بائع متجول على قارعة احدى طرقات العاصمة تونس، فواجه قرار الحكومة بمصادرة محتوياته البسيطة.
وبما أننا نعيش أجواء شهر رمضان المبارك، حريّ بنا ان نلتفت الى الحكمة الربانية من هذه الفريضة العبادية الرائعة التي تساوي بين الجميع في الافطار والاسحار في وقت واحد، حيث يجلس الملياردير على مائدة الافطار، كما يجلس في مكان آخر الفقير أو من ذوي الدخل المحدود على نفس المائدة وفي نفس الوقت، فالكل ينتظرون موعد غروب الشمس. هذا الانتظار في هذا الشهر الكريم يعلمنا درساً بليغاً بأن لا نطيل انتظار الفقراء والمعوزين، ليس فقط في هذا الشهر الفضيل، إنما في سائر ايام السنة، لتستمر حالة الحرمان والفقر، وتعود الينا تلك الحالة الجاهلية المقيتة التي حاربها الاسلام وقضى عليها منذ اربعة عشر قرناً.. وليعلم الجميع، ان أول درس رمضاني في هذا المجال، هو ضمان الأمن والاستقرار الاجتماعي والسياسي في البلاد؛ أية بلاد.. فالشعب المتكافل والمتعاون لن يجد مبرراً للاضطراب وفقدان الأمن وكثرة السرقات والمفاسد الاجتماعية، وتبقى المطالب ا لسياسية المتعلقة بالنظام الحاكم، عندها يكون الامر واضحاً ومحدداً، بل ان المطالبة الجماهيرية حينئذ تكون جماعية شاملة، ثم يكون التغيير والإصلاح محتّم وأكيد، لا يقف أمامه أكبر طاغية او نظام حكم.
شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 27/تموز/2013 - 18/رمضان/1434
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hhfggdc.yoo7.com
 
شهر رمضان... بلسمٌ للفجوة الطبقية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» رمضان... شهر السياحة النفسية
» رمضان المبارك بين الفائدة والترفيه
» ممارسة الرياضة في شهر رمضان... بين النظام الغذائي والعادات السلوكية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
مدونة شارع الصحافه :: الفئة الأولى :: المنتدى الأول-
انتقل الى: