زواج بالتقسيط

زواج بالتقسيط
تاريخ النشر :١٥ يوليو ٢٠١٣

جعفر عباس


أسست سيدة الأعمال السعودية عبير حسن شركة لتنظيم حفلات الزواج، أعتقد أنها الأولى من نوعها في العالم العربي، وما يميز هذه الشركة هي أنها تعمل بنظام «تزوج اليوم وادفع باكرا أو بعده»، يعني الشركة تتكفل بنفقات الحفل على أن يتولى العريس سدادها بالتقسيط المريح على مدى مدة معقولة يتم الاتفاق عليها، والمسألة ليست هذرا ولا مجال فيها للتريقة والتهكم لأن الزواج في السعودية وجاراتها في منطقة الخليج يكلف «في المتوسط» نحو خمسين ألف دولار أمريكي، للزواج العادي الخالي من البهرج والهيلمان، ويعزو كثيرون ارتفاع معدلات الطلاق في المنطقة إلى ما فوق 30% سنويا بين الأزواج الشباب، إلى أن الزوج يجد نفسه غارقا في الديون بعد إكمال مراسيم الزواج بسنوات، ويقول بصوت مرتفع أو منخفض كلما نظر إلى زوجته وهي تتباهى أمام المرآة بالأساور الذهبية التي تغطي معظم يدها: ليتها كلبشات شرطة تفكني منك.. كل البلاوي اللي جاتني من تحت راس الشؤم هذه.
وعبير هذه ما ينضحك عليها لأنها ناصحة وفاهمة الشغلانة زين: الحفلات بالتقسيط ليس فيها بذخ (أصلا أنت متزوج بـ«الدين»، فلا مجال للفخفخة والعنطزة) وعدد المدعوين لا يتجاوز 300 شخص، ويستفيد من العرض السعودي وغير السعودي بشرط وجود كفيل غارم.. يعني إذا لم يسدد العريس الأقساط المقررة راح فيها الكفيل.. وأكثر ما أعجبني في شروط التزويج هذه هو السقف المحدد لعدد المدعوين، ونحن نعرف أن نسبة عالية من نفقات الزواج تروح في بطون المدعوين، ونحن ننتمي إلى جزء من العالم يكون فيه أقارب الدرجة الأولى لشخص مقطوع من شجرة أي قليل عدد أفراد الأسرة الممتدة في حدود 70 شخصا، أما معظمنا فلديه أخوال وأعمام وعمات وخالات وأبناء وبنات عمومة وخؤولة زائدا نسلهم في حدود 200 شخص، فإذا تزوجت، عليك أن تدعوهم وأن تدعو أنسباءهم وأصهارهم، وهناك الجيران والأصدقاء وزملاء العمل والدراسة، ومن هنا إلى هناك يجد العريس «الحريص» على ضبط عدد ضيوف حفل زواجه نفسه مسؤولا عن إطعام نحو 800 شخص «بالميت»... وفوق هذا كله فإن حفل الزفاف في منطقة الخليج يتطلب استئجار قاعتين منفصلتين إحداهما للنساء والأخرى للرياييل.. وخلال ساعتين أو ثلاث يطفح هؤلاء المئات من الطعام ما يكلف (زائدا أجرة القاعتين) ما يقدر بعشرات الآلاف من الدولارات، ومطرح ما يسري (أكمل من عندك)
تذكرت ذلك الرجل النبيل من أهل الطائف بالسعودية، الذي استقبل شابا ونفرا من أقاربه جاءوا يطلبون يد ابنته حسب ترتيب مسبق، وأثناء تبادل عبارات المجاملة مال والد البنت نحو العريس المرتقب وسأله: معك عشرة ريالات، ولابد أن صاحبنا قال لنفسه: أي نسب هذا الذي وقعت فيه والأب يطلب عشرة ريالات قبل الزواج فكم سيطلب مهرا وكم سيطلب مني «مساعدة» بعد الزواج؟ وتوكل على الله ومد يده بعشرة ريالات إلى والد الفتاة فما كان من الأخير إلا أن قال له: مبروك هذه الريالات العشرة، مهر بنتي.. يللا نكتب الكتاب.. وأمر بذبح خروف وأطعم من كان موجودا لحظتها وقال للعريس: بنتي صارت زوجتك فخذها معك الآن ولو أردت أن تزمبر وتطنبر وتهيص في بيتكم فأنت حر.