«مؤتمر عاشوراء 8» ووحدة الأمة
قاسم حسين
قاسم حسين ... كاتب بحريني
Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com
الحديث عن «مؤتمر عاشوراء 8» ليس حديثاًً عن حدث عابر، وإنّما عن مؤتمر يرتبط بأكبر موسم إسلامي يتم إحياؤه سنوياً منذ قرون، ويترك طابعه الخاص على الناس والمكان والوجدان في هذا البلد الطيّب.
فللعام الثامن، استضاف مأتم السنابس الكبير صبيحة السبت الماضي حلقات نقاشية شارك فيها عدد من الأساتذة وعلماء الدين والمهتمين بالشأن الديني، توزعت على ست مجموعات، غطت أهم الجوانب والقطاعات: المنبر الحسيني، وسائل الاتصال الحديثة والقنوات الفضائية، الإعلام النسوي، المسرح، مواكب العزاء، الإصدارات الصوتية والورقية، والمجسمات واللافتات العامة. وكما هو واضح بعضها يعتبر قضايا كبرى، بينما بعضها يمكن اعتباره شأناً محلياً في المجتمع الشيعي (مثل مفردات الموكب واللافتات والمجسمات وما شابه من مفردات محدودة النطاق).
في الحلقة الخاصة بـ «تقييم أداء الإعلام العاشورائي في مضمار الوحدة الإسلامية»، ناقش عدد من الزملاء هذه القضية التي تحتاج كل منها إلى حلقات خاصة، فالتحديات التي يفرضها العصر أكبر بكثير من النوايا الحسنة والعمل بالبركة. فالبث الفضائي (العاشورائي) الذي ينتقده الكثيرون، هو دون الطموح بكثير، وهو أعجز من إيصال رسالةِ أعظم وأنبل ثورةٍ عرفها التاريخ الإسلامي والإنساني. بل إن الكثير من هذه المنابر تسيء من حيث لا تحتسب، إلى هذه الثورة النبيلة وتشوّه صورتها الناصعة. وهي بالتالي أعجز من أن ترتقي إلى مستوى المسئولية التاريخية في تحقيق الوحدة الإسلامية في هذه المرحلة الحرجة من التاريخ.
الميادين التي ناقشتها الحلقة الإعلامية تركزت على دور المنبر والفضائيات، بعدما أصبح المنبر الحسيني جزءاً من البث الفضائي. وقد فرض هذا الموضوع على بقية الحلقات الأخرى لأن الإعلام حاكمٌ على الجميع في هذا العصر. فقبل عقد من الزمان، كانت الآمال كبيرة بأن تقدم القنوات الدينية إضافةً نوعيةً لوعي الجمهور، وتلقف الجمهور خبر ولادتها كالبشارة. اليوم تخضع هذه الفضائيات للتقييم والنقد، فأداؤها دون الطموح، ويجري مراجعة حتى تلك الكلمة التي أُطلقت بفخرٍ عند البدايات: «تحويل الفضاء إلى مأتم». الفضائيات الدينية (الشيعية) اليوم تعيد طرح السيرة التقليدية طوال العام بما يفقد الموسم خصوصيته. والمنبر لم ينتج أسماء كبيرة بعد رحيل القامات الكبيرة في العقدين الأخيرين، كالشيخين الوائلي والكاشي. كما يعاني المنبر أيضاً من عدم التجديد في الطرح، وهو تحدٍ كبير يهدّد بانصراف الجيل الشبابي الجديد.
المؤتمر ينظمه المجلس الإسلامي العلمائي، ضمن فعالياته الثقافية الكبرى، استباقاً لشهر محرم الحرام، سيعقد جلسته الختامية مساء اليوم (الجمعة). ويحضره سنوياً كبار العلماء كالشيخ عيسى أحمد قاسم والسيدعبدالله الغريفي، في تأكيدٍ على أهمية ما يخرج به من توصيات. وعلى هامش مؤتمر هذا العام عرضت إحدى دور النشر نسخاً من كتب سلسلة رواد التقريب بين المذاهب، كآية الله البروجردي والشيخ محمود شلتوت، رائدي مدرسة التقريب. بالإضافة إلى الإمام الشيخ محمد عبده والإمام كاشف الغطاء وأستاذنا الكبير الشيخ محمد جواد مغنية والشيخ محمد الغزالي، والسيدموسى الصدر والسيد قطب. كما عرضت بعض مجلدات «رسالة التقريب» الفصلية، التي تعنى بقضايا التقريب بين المذاهب ووحدة الأمة الإسلامية، وهو الشعار الذي انعقد تحت ظلاله مؤتمر هذا العام، تلمُّساً لما تمر به الأمة من مخاطر التفتيت والاقتتال المذهبي التي تخطط له الأيادي الآثمة السوداء.
قاسم حسين
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 4031 - الجمعة 20 سبتمبر 2013م الموافق 15 ذي القعدة 1434هـ